حلقة 24
ابراهيم البطوط
20 سبتمبر 1963
مسقط رأس: بورسعيد
نوقف احتفالية المضحكين مؤقتا لكي نحتفل بشيء أكثر حداثة وأجمل مذاقا، وبرجل أصبح في غضون سنوات قليلة ملهما لي وللمئات من محبي السينما في مصر.. عن ابراهيم البطوط أتحدث..
والحقيقة أنني أخشى بشدة من الحديث عن شخص أعرفه شخصيا، وأظل دائما متوجسا من فكرة اعتبار أي ثناء نوع من النفاق أو التحيز، بنفس قدر خوفي من التعليق على حدث طازج، خشية من الوقوع في فخ التسرع في الحكم على الأمور ومن التحول لواحد من محترفي "الظياط" على كل جديد. ولكن عندما يتعلق الأمر بشخص مثل ابراهيم البطوط، وبخبر مثل حصوله فيلمه "حاوي" على جائزة أفضل فيلم من مهرجان الدوحة ترايبيكا فالأمر يختلف. فشخص مثل ابراهيم البطوط لا يمكن أن تنافقه لأن كل كلمة ستكتبها سيستحق هو أكثر منها، وأشخاص مثل ابراهيم البطوط هم بالتحديد من يعد التحيز لهم فرضا على كل انسان عاقل.
ابراهيم هو الملهم.. وجوده بيننا هبة من الله.. هبة لأنك في كل مرة تراه فيها تتعلم بهدوء شديد العديد من الدروس الغالية.. تتعلم أنك من الممكن أن تقضي نصف عمرك تشاهد الموت لتخرج من التجربة عاشقا للحياة.. تتعلم أن الانسان والفنان الحقيقي هو الذي كلما ازداد نجاحا كلما ازدادا تواضعا وتهذيبا والتحاما بمن هم دونه.. تتعلم أن النجاح ممكن في أسوأ الظروف طالما آمنت به ورغبت فيه.. تتعلم أنك لا تحتاج مبالغ خيالية لتصنع سينما حقيقية، وأن حب من حولك ومساندتهم لك بدافع الايمان بك وبما تفعله يمكن أن تفوق قيمته ملايين الجنيهات.. وتتعلم قبل كل ذلك أنه وبالرغم من كل الأزمات والكوارث والمصائب، فإن مصر ستظل قادرة على إنجاب أشخاص مثل ابراهيم البطوط.
ولذلك أبارك لنفسي وللجميع قبل أن أبارك لابراهيم.. فنحن الفائزين الحقيقيين بهذه الجائزة.
No comments:
Post a Comment